ارهبتها الفكرة..فلم تكن تنوي ان تصل معه الى هذا الحد..ان يقفل عليهما باب واحد..وان تجمعهما غرفة واحده..بل وفراش واحد..انها ليست صغيرة على الزواج
وتعرف هذا جيداً…
ولكن كيف تتحمل ان تتطلع الى وجهه دون خوف .. دون رهبة..
انها تعترف انها دميمه ولكن ليس في ملامحها ذلك الشيئ المنفر الذي تراه على وجهه..نعم ان شكله مخيف..انها خائفة وحزينة..اتصرخ في وجه امها الان وترفض الأمر برمته وترتاح…
ولكن انها لن ترتاح ..لن ترتاح وهي تعرف جيدا انها لن تتزوج بعد ذلك ابداً..لن يتقدم لها احد..واذا فرض وتقدم لها احد فربما يكون اسوأ وابشع من الأول..لا.انها فرصتها في الحياة ولن ترفضها..
يكفيها انها ستكون اجمل منه..ولن تدعه ينسى هذا ابداً ..ولسوف ترتاح من جمال اختها ومعايرة امها لها طوال الليل وطوال النهار بأنها قبيحه..حتى اخوتها لم تسلم منهم..يكفيها نظرات والدها لها وهو يمصمص شفتيه بألم وحسرة
..نظراته تعذبها..تشعرها بأنها اقل من اختها بل واقل من فتيات الدنيا باسرها….
افاقت على صوت امها وهي تسألها رايها في الموضوع..ابتسمت لأمها ابتسامة حزينة مثيرة للشفقة وقالت بصوت يائس:-الرأي لك ولأبي
ضحكت امها وهي تقول لها هامسه:-لن اوصيك بزوجك ياأبنتي..انت تعرفين اكثر مني انه…
وصمتت..وطال صمتها …احست سارة بأن امها تريد ان تقول لها شيئا ولاتدري ماهو…
اخيراً نطقت الأم بعد تردد كبير..
-اكرمي زوجك ياابنتي ..لن يكون لك غيره..لن تخرجي من بيته الا الى القبر…
القبر..
افزعتها الكلمة فلم تنظر الى امها..وهمست لنفسها..<ومايدريك ياأمي فربما هو القبر نفسه>..
استغرق تجهيز سارة عده اسابيع قبل ان تزف الى زوجها..تركت كل شيئ لذوق امها فهي تعرف مايناسبها اكثر منها..اختارت لها امها مجموعة من الثياب الجميلة ومجموعه اخرى من قمصان النوم الفاخرة
كلها اشياء جميلة..وكأنها تعوضها بها عن جمال ابنتها..
ايضاً دخلت الى زوجها دون ضجيج وبدون حفلات..كانت رائعه في تلك الليله رغم قبحها
ان للعروس هيبة خاصه لايهم فيه جمال وجهها..
وبدا هو في حلة الزفاف كأقبح مايكون..ولكن هناك شياء غريباً ظهر على وجهه في تلك الليله عيناه زائغتان..وجسمه يهتز..ويداه ترتجفان..وكأنه خائف من شيئ ما..
انها لم تلاحظ عليه شياء من هذا رغم ان المدعوين من جميع العائلتين قد لاحظوه..كما لاحظوا ارتباكها هي ايضاً والعرق الغريز الذي يتصبب من جبينها..
رغم ان مكيفات الهواء كانت تعمل انذاك..
واصطحبها زوجها الى بيت الزوجية..وحالما اقفل عليهم باب الحجرة حتى قال لها:-اريد ان اقول لك شياء هاما في البداية..
صمتت وهي لاتنظر الى وجهه..تابع وهو يحاول ان يبدو متامسكاً..
-انني لاادري ماذا اقول لك..ولاكيف ابدأ..ولكن ارجو منك ان تفهميني..ربما تكون صدمه لك ولكن كل ماأرجوه ان تقدري موقفي..هل تسمعيني..؟
واجابته بإيماءه من رأسها دون ان تنطق ففاجأها بقوله:-اتدرين انني ..اقصد..اعني…انا انسان عاجز…
نظرت اليه بسرعه وهي مشدوهه وغير مصدقه…..
نظرت اليه وكأنها تنظر الى كائن غريب من كوكب اخر
واخيرا
وبعد ان زالت اثار الصدمة شهقت بفزع..
ثم شهقت وهي تبكي وتشرق بدمعتها…
ولم تنبس ببنت شفه..
والغرفه صامته..غارقه في صمت لايقطعه سوى بكاؤها ونحيبها ولم يتكلم هو وانتظرها حتى تنتهي من البكاء..
ولكنها استمرت تنهنه بصوت خافت..واسندت راسها على حافة السرير ونامت وسط دموعها…
ولم يقربها سعيد في تلك الليله تركها وخرج..ولم تدر اين نام هو..ولاكيف
وعندما نهضت من فراشها صباح..
لم تذكر اين هي واستغرقت عدة دقائق وهي تتذكر ماحدث لها واصيبت بغصه في حلقها وهي ترى صورتها في المرآه..ان عيناها متورمتان من كثر البكاء..
انها لم تبك ابدا بمثل هذه الصورة..
انها لاتبكيه..بل تبكي نفسها..وتبكي حظها
أمعقول ماحدثها به البارحه؟
ام انه يهزل؟
لاشك بأنه يهزل معها..انه أمر لايصدق..ولايحدث الا نادرا..
ولكنها قررت ان تسأله اليوم عما اخبرها به البارحه وتستحلفه بكل غال لديه بان يقول لها الصدق
ولكن لماذا يقول لها هذا؟وماغرضه من هذا؟ومايرمي اليه؟واذا كان ماقاله صحيحا فلماذا قاله لها البارحه بالذات؟ليلة زفافهما..
هل يريد ان ينفرها منه..ولكن لماذا؟ اسئله كثير تدور في مخيلتها دون جواب!!
قررت ان تواجهه وتسأله عن كل شيئ..
وخلعت سارة ثوب زفافها الأبيض بسرعه ولبست ثوب احمر بسيطا..ان اللون الأحمر يضفي عليها جمالا خاصا..
ولكن لماذا تريد ان تكون جميله بنظرة..هزت كتفيها بيأس..وترددت قبل ان تخرج من الحجرة ..كلما مدت يدها الى مفتاح الباب تعود بسرعه الى المرآه لتتأكد من شكلها..واخيرا قد عزمت على الخروج..لم تجده في الصاله..
سارت في ارجاء البيت تتفقده..ولم تجد له أثر..صدمت!!!
..عريس يخرج في صباح ليلة الزفاف!..بالتأكيد هو مجنون..
تناولت طعام افطارها مما وجدته في الثلاجه..
وجلست بعد ذلك تنتظره على اريكة في الصاله ومضى بها وقت وهي تزداد غيظا.ولاتدري ماذا تفعل اذا قدم اهلها ليطمئنوا عليها او حضر اهل العريس..
قد تخبرهم بما حدث؟اما تقول لهم ان العريس جن..ام ماذا تقول؟
وفعلا سمعت صوت الجرس..انه جرس الباب..
وقفت حائرة هل تفتح الباب ام لاتفتح..ربما يكون هو..سعيد..ولكن مستحيل لان معه مفتاح للباب …لالاربما اهلها قد اتو
كيف تواجههم ماذا تقول لهم بدون زوجها؟
وماذا يقولون عنها..لا..ولكن الساعه الان8صباحا ومن غير معقول ان يأتوا في هذه الساعه المبكرة..اذن من يكون الطارق؟
دقات الجرس تتوالى دون انقطاع..
واخيرا طرقات شديده على الباب..وهي حائرة تفكر هل تفتح او لا…؟
واخيرا سمعت من ينادي اسمها من وراء الباب..ساره افتحي ياساره.
.تنبهت وعرفت الصوت..نعم انها ام سعيد ..ركضت لتفتح الباب وهي تتساءل عن سر مجيئها في هذه الساعه المبكرة..
فتحت الباب ودخلت الأم
وفي عينيها نظرة قلق ورهبه وواجهتها سارة بنظرات هادئة ثابته رغم مايبدو عليها من قلق…وسألت عن سعيد
فأخبرتها سارة وهي تجتر احزانها..
وفهمت بعد ذلك ان الأم تحاول بشتى السبل ان تعرف ماذا دار بينهما البارحه..
ولكنها لم تعرف منها شيئا ولم تستشف شيئا من وراء صمتها..
فخرجت وهي تبتسم كعادتها ووعدتها بأن تزورها مع اخوات سعيد في وقت لاحق..
واغلقت سارة الباب وراءها وهي تنهد بيأس..
وفي الساعه11 احست بمفتاح يدور في الباب الخارجي فتظاهرت بالنوم..
ودخل عليها سعيد بالحجره..ورغم تظاهرها بالنوم لم تستطع ان تكتم شهقة الفزع وهي تراه يدخل في هيئة رثه
ثيابه ممزقه..ووجهه القبيح مليئ بالخدوش والدماء!!..وقبل ان تتحرك من فراشها قال لها:-ابق في مكانك ..لاشيئ ذا بال..لقد تدخلت في معركة بسيطه مع قريب لي…
ولكنها احست باحساس داخلي بانه يكذب..