سكن رجلان في حانوتين متجاورين
ولكل واحد منهما مهنه يكتسب منها رزقه
وقوت يومه
وكان احدهما اسمه زاهر طيب الاخلاق وحسن
المعامله
ويعمل في مهنه الحلاقه
فياتيه الزبائن من كل حدب وصوب لكي يحلقوا
شعورهم ويهذبها عنده
نظرا لما اشتهر عنه من سمعه طيبه ومهاره
بارعه
ولاجل هذا
سعى بكل ما اوتي من قوه وحكمه ان يحفظ هذه
السمعه ويحافظ عليها حتى تصل الى افاق
الارض واقصى المشرق والمغرب
فلقد علمته الحياه جيدا ومن قبلها تربى في
احضان والديه
الذين علمه دروسا وعبرا ومن بينها ان
الانسان مهما جمع من مال ومتاع في هذه
الحياه
فلا غنى عن السمعه الحسنه وطيب الذكر
وتلك الخصال هي التي تغني الانسان ولو كان
فقيرا
وتجعله يصير الى مكانه رفيعه
ليكون بين الناس مكرما ولو كان في منزله
صغيره
وهذا بكل تاكيد القى بنتائجه واثاره على
حياه زاهر حيث جمع مبلغا كبيرا من المال
واستطاع ان ينمي ثروته بطيب المعامله
وامها للفقراء واصحاب الحاجه وعلى عكسه
تماما كان صاحبه الصباغ حسان والذي يعمل
في الحانوت المجاور الذي يختص في صباغه
الملابس التي يحضرها له الزبائن بالوان
جميله ومبدعه ولكن مع الاسف كان هذا هو
اعتقاد الزبائن والناس الوافدين الى
حانوته
ولم يعرفوا ان غسان انسان طماع وجشع قد
غلب على قلبه حب المال وكثره الكذب وتجنب
الصدق في المعامله
اضافه الى سوء الاخلاق معهم فهو على
الدوام يطلب اجرته من الزبائن سلفا حتى
يقوم بالخدمه التي يطلبونها
وعند ذلك يحاول صنع الذريعه بحاجته الى
الوقت حتى يخرج الزبائن من عنده فيستغله
وذلك الامر
ويذهب الى السوق ويبيع قماشهم ثم يعود
متخفيا بسرعه
وبعدها يصرخ ويجمع اهل الحي حوله ويشتكي
ويبكي بصراخه
وادعائه ان اللصوص قد اقتحموا حانوته ولا
ذو بالفرار بسرعه ومن الطبيعي ان يصدق
الناس هذا الخبر ولو تكرر مره ومرتين ولكن
كما يقال لا يرضى العاقل ان يلدغ من جحر
واحد مرتين
ولاجل هذا اصر الصباغ غسان على افعاله
السيئه من السرقه وكرر نفس الحادثه مرارا
وتكرارا
حتى لم يعد احد يصدقه وبدا زبائنه
بالانسحاب من عنده بمرور الوقت
حتى اصبح حانوته فارغا الا من القليل
الغرباء
الذين لم يكونوا على اطلاع بماضيه الاسود
وذات يوم
قدم على المدينه رجل ثري وذو نفوذ كبير
وحمل بصحبته قماشه جديده
ورغب في ان يجعل عليها الوانا تضيف اليها
روعه وجماله
وعندها طلب الخدمه من الناس
فاخبروه عن دكان غسان
ولكنهم نصحوه قبل ذلك ان يحذر منه ان كان
في حاجه والا فليبحث عن صباغ اخر غيره
توسوس الثري واصيب بالشكوك فلم يرتاح باله
لتلك الاخبار السيئه وايضا علم انه لا
يوجد في المدينه كلها صباغ سوى غسان
فعزم على الذهاب اليه
وسلمه قماشا فاخرا واوصاه بما يطلبه ثم
استاذنه بالخروج الى المقهى لتناول مشروب
وعندما ينتهي يعود لم تمضي ساعه حتى سمع
الثري باصوات الصراخ العالي والصخر بداخل
السوق
فالتفت حتى راى غسان هو الذي يرفع صوته
ويشتكي
مدعيا ان اللصوص قد سرقوا القماش عند ذلك
لم يقرر الثري ان يتنازل بسهوله خاصه وان
اي احد عاقل يدرك جيدا ان الصباغ يكذب
لان لديه تاريخا وسابقه في السرقه
وعندها استعان بقائد الشرطه في المدينه
ودفع له اجرا مقابل ان يسجنوه ويعيد له
قماشه المسروق او ثمنه
وسريعا استجابت الشرطه
فارسلت دوريه وقامت باغلاق حانوت الصباغ
بشكل محكم وبقفل جديد
وعلقوا ورقه كتب عليها على صاحب هذا
الحانوت ان اراد فتحها ان يراجعنا في
القلعه وبعدها مر اسبوع كامل كان فيه غسان
مختبئا في بيت صاحبه الحلاق زاهر لحين
انتهاء القضيه وفعلا اختفت بعد ان مل
الثري وسافر من المدينه
ثم عاد غسان الى حانوته وقابل الشرطه
فانكر لهم علاقته وذكر لهم انه كان في سفر
لذويه واقربائه وهنا طلب من جاره زاهر ان
يساعده ويدفع له الغرامه لفتح حانوته من
جديد
فدفع له وعاد يكمل صناعته ولكن حظه كان