قصة الفتي و الحظ الجميل
ومرت الايام والام تعمل كل الاعمال الشاقه
في المنزل بينما ابنها الوحيد نادر فقد
كان يعمل في مزارع النحل وبعد ان يفرغ من
جمع العسل وتعبئته في جرات صغيره الحجم
كان يقود عربه صغيره ويوزع ما لديه من
جرات للعسل على تلك العربه
ثم يقودها وهو يدفعها بمشقه بالغه ليبيعها
في انحاء المدينه فكان يتوجه الى منازل
كبار التجار وغيرهم ممن يشترون منهم العسل
وكان السيد نجم
يحذره كل مره قبل مغادرته ان يضيع شيئا من
المال او ان يسكب شيئا من العسل او حتى ان
يحاول تذوقه وكان كذلك يحذره من ان يضيع
وقته في اللهو او يتاخر في العوده الى
المنزل رغم ان نادر لم يكن كذلك
بل لقد كان المسكين دائما ما يطيعه ويذهب
مسرعا وقد وضع ورقه صغيره في جيبه كان قد
رسم عليها بعض الرموز والاشارات كعلامه
قمر صغير بدلا من اسم السيد شكري مثلا او
دائره نيابه عن اسم رمزي ونجمه ومربع هو
اشكال مختلفه حتى يستطيع تذكر الاشخاص
الذين سيتوجه لبيع العسل لهم وقد كان يحفظ
هذه الرموز عن ظهر قلب ويعرف على من يدل
كل رمز وقد ساعدته امه في صنع هذه الطريقه
لان ابنها لم يكن يعرف الحروف ولا الكتابه
وذلك حتى يستطيع بيع العسل دون ان ينسى
احدا وكانت تطلب منه ان يضع خطا على كل
شخص ينتهي من بيعه وهكذا داوى منادر على
هذا العمل وكان في كل يوم يزداد رغبه في
تذوق العسل اللذيذ ولكنه كان يخشى من بطش
عمه لذا فقد كان يمنع نفسه عن ذلك ولكن
كان بعض الرجال الذين يبيعهم العسل ممن
كانوا يعرفون ظلم السيد نجم
يسمحون لنادر ان يتذوق ملعقه من العسل قبل
ان يغادر ليكمل عمله وكان الصبي يتذوقه
فيشعر بسعاده غامره
ولكنه كان بعد ذلك يتذكر امه المسكينه
ويتمنى لو كان بامكانها ان تتذوق العسل
اللذيذ مثله وكان منهم من يعطيه بعض
الدراهم لنفسه ليحتفظ بها كاجره له
ويطلبون منه ان يشتري بها ما يشتهيه والا
يذكر ذلك لعمه وذات يوم بعد ان عاد نادر
من عمله واعطى لعمه ما جمعه من النقود
وانتهى العم من عدها كعادته حتى يتاكد من
ان الشاب لم يسرق منه شيئا ثم طلب منه
الانصراف فعاد الى والدته بعد يوم عمل شاق
فوجدها تان اني
وقد اصابها الم شديد في بطنها ولم تعد
تقوى على النهوض من فراشها فوقف الشاب في
حيره شديده من امره ثم اسرع ليستدعي زوجه
عمه او عمه ليحضر لامه طبيبا لكنه حين دخل
المنزل الكبير وجدهم في الحجره المخصصه
للطعام
وسمعهم يضحكون بصحب فاتجه مندفعا وقد نسي
ان يطرق الباب فلما راه عمه نظر له علامات
الغيظ والغضب باديه على وجهه وقد ساله عن
السبب الذي دفعه للقدوم في هذا الوقت وكيف
سمح لنفسه بان يقطع عليهم ساعه تناولهم
للطعام بمتعه فاخبره نادر والقلق والحزن
ظاهر عليه بحال امه وبما اصابها من الم
شديد
فضحكت زوجه عمه بلؤم وقالت لقد كانت امك
بخير طوال النهار ولكنها لابد انها تحتال
علينا حتى تنغيص علينا سعادتنا وطمانينتنا
فاخرج من هنا ولا تعد مره اخرى
واخبرها بان تكف عن الكذب والخديعه ولكن
ظل الفتى واقفا يرجو من عمه الحضور ولم
يزد العم الا قسوه حيث نهض من مكانه ودفعه
خارج المنزل بقوه واقفل الباب وقد امره
الا يعود مجددا الى الداخل
وهكذا اسرع الفتى واتجه بمفرده نحو منزل
الطبيب الذي يقع وسط المدينه
واستمر في الركض حتى وصل اليه وكان طبيبا
مشهورا محبوبا بين الناس
وهو الطبيب سامح
وعندما ساله الطبيب سامح عن حاجته واخبره
نادر بان امه مريضه للغايه وانها بحاجه
لعلاج عاجل نظر الطبيب الى ملابس الفتى
الرثه وشعر بالشفقه على حاله فقال له
بهدوء يا بني هل تناولت امك طعاما طوال
اليوم
فاجابه نادر بحزن ان امي لا تحصل على طعام
كاف
واستمر الطبيب يساله عددا من الاسئله وفهم
ان المراه لا تنال غذاء جيدا ولا تحصل على
قسط كاف من الراحه فقال على الفور وماذا
عنك ايها الفتى اظن انك تعمل في عمل ما
فقال نادر نعم انا ابيع العسل
عندها اخبره الطبيب بان عليه ان ياخذ هذا
الدواء وبعض الطعام الجيد وان يتجه لامه
المريضه مسرعا فقال له الفتى انه لا يملك
المال لشراء الدواء فقال الطبيب اذا فاني
اطلب منك ان تبيعني العسل الشهيه في المره
القادمه التي تتجه فيها للبيع في انحاء
المدينه واريد منك ان تحضر لي منه جره
لاشتريها منك مقابل ان تاخذ هذا الدواء من
غير ثمن