قصص قصيرة

مـلك روحـى قصة كاملة

_ الفستان ده حلو ياملك ..!
حلو ياماما اللي تشوفيه ..
_ ياحبيبتي إختاري إنتي اللي هتلبسي
وإختيارك كله حلو ليا وأكيد هيبقى لايق عليا جدًا
_ وإنتي يامليكة هختاري إيه، عاوزة زي أختك ..!
لا ده رخيص ومش حلو، أنا هختار فستان تحته بيزك لطيف ..
_ ” كُنت قاعد براقب الموقف في صمت بس محبتش أدّخل في الحوار فالتزمت السكوت منعًا إن حد يقولي كلمة تكسفني فيسيبوا المحل ويمشوا وأنا أصلًا مصدر رزقي كله منه ومش ببيع بقالي يومين وكل حاجة مقفلة في وشي، بنتين اللي يشوفهم يتهبل من الجمال شبه بعض بالظبط تقريبًا توأم متماثل نفس العيون والملامح والشكل والجسم والهيئة بس الفرق بينهم الروح، واحدة جريئة جدًا والتانية هادية لحد الجنون كلامها قليل ومُحكم ومش خفيفة وتافهة، إتخلقوا من نفس الرحم لكن الرقة اللي في مَلك غير التبجح اللي في مليكة، مليكة جمال إسمها مش دليل على طباعها نهائي، نختلف للتميُز وميزة ملك في هدوئها وبساطتها حتى لبسهم مختلف تمامًا، مليكة لابسة جيب ضيقة وجاكت جينز وطرحة أمَّا ملك كانت لابسة دريس مش غالي وقماشته عادية جدًا، الدريس بسيط مفيهوش أي نقوش كان متموج ولونه إسود منقط بأبيض وكانت لابسة خمار كاشمير مايل للون خدودها حاولت أخفض نظري ..
_ ولكن بصفتي صاحب المحل قررت أدّخل في لبس ملك بحجة أعرفها نوع القماشة والتفصيلة فبصيتلها وقولتلها ” القماشة دي حلوة ومش غالية يا آنسة “
_ بصت في الأرض بخجل وإبتسمت برضا وقالت ” تمنها كام ..!”
_ ٢٠٠ جينه
طيب ممكن تشوفلي حاجة أقل وتفصيلها بسيط .. كنت عارف إنها مش عاوزة تكلف والدتها ولا تغرمها ..
_ سيبتها وروحت على قسم غالي وإختارتلها فستان سعره ٥٠٠ جينه لونه كان زهري فقربت منها خطوتين وقولتلها ” إيه رأيك في ده ..! “
حلو جدًا، بكام ده ..!
_ ٢٠٠ برضو
_ بصتلي بعدم تصديق وقالت ” مش معقول “
ده باين عليه غالي جدًا..
_ مقدرتش أتهرب من عيونها وسؤالها فقولتلها بإرتباك ” تصفيات “
تصفيات بدري كدا ..!
_ ايوه أنا نظام المحل بتاعي كدا..
_ يمكن خسرت في الفستان وكنت مخنوق من قلة البيع لكن مش عارف ليه عملت كدا، يمكن عشان أختها تصرفاتها غاظتني وبتضغط على أهلها إنها تشتري لبس غالي ..!
_ أنا بشوفهم دايمًا كل يوم وهما رايحين كلياتهم لكن مش معنىٰ كدا إني أخسر في الفستان ٣٠٠ جينه دي لو خطيبتي مش هخسر عشانها، تصرف ساذج جدًا مني بس مش عارف ليه إبتسمت فاعتبرتها صدقة أو حاجة لله يمكن فبسبب التصرف ده يراضيني ويفتحها عليا لإني أدخلت السرور على قلب بنوتة جميلة زي دي ..
_ ربنا حطلها قبول في قلبي غير طبيعي بالرغم إني ساعات مبعرفهاش من أختها بس خلاص حفظت الهدوء والنبرة والتعامل والخجل ..
_ ها إختارتي ياملك ..!
ايوه ياماما خدت ده..
بكام ..!
٢٠٠ جينه
_ الله شيك جدًا ورخيص ما تاخدي زيه يا مليكة ..!
_ أول ما مامتها قالت كدا قلبي إتفزع وقعدت أقول في سري ” يارب ما يعجبها كدا هخسر ٦٠٠ جينه “
لا ياماما مش حلو ..
_ أول ما مليكة قالت كدا إتنهدت براحة، كنت واثق إنها معندهاش ذؤق .. وإن اللي تلبس لبس ضيق كدا طبيعي هتشوف الفضفاض فلاحي مهما كان درجة شياكته ورقته..
_ بعد ما كنت بروح المحل الساعة تسعة بقيت بروح ستة ونص عشان أشوفها الصبح بدري وهي رايحة كليتها، كنت ببقى طاير وهي لابسة الفستان اللي إختارته ليها، الأيام كانت بتعدي وعلاقتي بالمدينة دي بتزيد أكتر من اليوم اللي قبله ما اللي يحب شخص طبيعي جدًا يعشق مدينته ويعشق كل حاجة تخصه، صاحبت ناس من البلد دي بس مكنتش برتاح في الكلام غير لشاب إسمه ” كريم ” بيجي يقعد معايا كل كام يوم لأنه لسه عريس جديد ..
_ جالي في يوم وقالي ” بقولك يا أنس أنا عاوزة فستان يكون حلو وشيك “
قصدك غالي ..!
_ بصلي بتفهم وقال ” لا مش شرط تمنه سواء كان غالي أو رخيص مش هتفرق، الشخص هو اللي بيجمل الحاجة مش تمنها اللي بيجمله “
الهدايا مش بتمنها الهدية بالحب اللي بتقدمه مع الهدية والوقت اللي بتقدم الهدية فيه ..
_ طيب لو عاوز أجيب أغلى حاجة في الدنيا لحد لكن قدرتي المادية متسمحش ..!
على حسب الشخص لو شاريك مش هيبص لغلاوتها هيبص لغلاوته في قلبك ونظرتك ليه وأنت بتقدمهاله وبناءًا على كدا هيحط تمن وهمي للهدية في دماغه حتى لو رخيصة وهو عارف إنها رخيصة لكن لما يبص للحب في عيونك هيحطلها تمن كبير عارف التمن ده إيه ..!
_ بصيتله وقولتله ” إيه ..!”
هيشيلك فوق راسه، التمن عشم وحب ولُطف يا أنس، أنا عن نفسي لما بجيب هدية لزوجتي بتزعقلي وتقولي ” متجبليش هدية غالية كل شهر، يكفيني تدخل عليا كل يوم بحاجة بحبها حتى لو حباية كرملة أو حتى كيس إندومي “
بس زي النهاردة كان لأول مرة أشوفها فعشان كدا جيت أجيبلها دريس، وعشان هي طفلة بتشوف كيس الإندومي أحسن من أي هدية، الحاجة مش بغلاوتها يا أنس الحاجة بتفاصيلها..
_ يعني إيه ..!
يعني مثلًا أنت لو متجوز بنت بتحبها وكل شوية تجيبلها هدية فخمة ونوع الهدية دي هي مبتحبهاش هل كدا قيمتك هتترفع في نظرها ..!
_ سكت شوية فبصلي وغمز وقال ” عاوز تجيب هدية لمين بقى ..! “
_ لا مفيش حد والله، بس بصراحة ياكريم في بنت عندكم في البلد هنا…
سكت ليه كمل مالها البنت دي ..!
_ مش عارف بس هي عجباني مش عاوز أتسلى والله أنا عاوز أتقدم بس ظروفي بتصعب عليا كل يوم وفي نفس الوقت خايف تضيع مني..
مين دي وأنا أكلملك أهلها..
_ ملك ..
بحسب مليكة..
_ لا ملك ياعم..
أنت عارفهم من بعض ..!
_ ايوه طبعًا، بس ليه بتقول كدا ..!
مليكة مش زي ملك خالص يا أنس
_ عملت نفسي مش عارف حاجة عشان أخد منه معلومات أكتر عن شخصية ملك فبصيتله وقولتله ” إزاي ..! “
بص مُختلفين في كل حاجة، تشوفهم تقول واحد لكن مليكة معروفة بعنادها وغرورها ودبشها أما ملك تحسها آية كدا من الرحمن أو تقدر تقول ” لُطف ورحمة لكل اللي حواليها “، عارف لما خلصوا تالتة إعدادي الإتنين طلعوا من الأوائل بس حالة باباهم المادية كانت ضنك جدًا وقتها وكان عليه ديون فقالهم” بلاش ثانوية عامة وأدخلوا تمريض أو ثانوي فني ” ملك وافقت وقدمت ثانوي فني لأنها بتخاف من الحقن والدم ومليكة حلفت لتدخل ثانوي عام مش عاوز أقولك باباها كان بيستلف من طوب الأرض عشان البنت دي ودروسها كانت دايمًا بتعاير ملك إنها في تعليم أقل منها لكن يشاء القدر ملك تجيب ” ٩٩ ٪ ” ومليكة ” ٧٥٪ ” .. ملك دخلت هندسة ومليكة دخلت حقوق ..
_ أنت عارف كل ده عنهم منين ..!
يابني دول جيراني..
_ وهي ملك هترضى بواحد أقل منها في التعليم ..!
لو بتحبها عافر لإن الحاجة اللي بتيجي بعد معافرة حاجة كدا بتنسيك كل العلقم اللي دوقته، طبيعي جدًا تمر بشوية مآزق عشان توصلها والحفر اللي هتقابلك دي هتبين مدى مصداقية مشاعرك ولازم هتعافر لسببين..
السبب الأول : إن البنت المحترمة واللي تليق بإسمك لازم ربنا يحطلك شوية عُقد في المنشار عشان تحس بحلاوة العشرة معاها وميهونش عليك زعلها لأنها كانت في يوم من الأيام هدف صعب المنال وأخيرًا حققته..
السبب التاني : ممكن حاجات كتير تلفت نظرك وتبهرك من أول تعامل لكن بعدين تحس إنك كنت بتصب مشاعرك في علبة فاضية بس شكلها شيك فشكلها جذبك وأنت تتخدع بالمظهر وتدفع فيها كل مشاعرك وفلوسك ولما تفتح العلبة في الآخر مش هتلاقي فيها حاجة .. لازم تكون عارف كويس جدًا إمتى تصب مشاعرك ولازم تختار المنبع اللي نهرك هيصب فيه حبك بعناية فائقة، النهر اللي لما يلاقي منك فرع حب يردهولك الضعف لكن متقعدش تدي مشاعرك لحاجة مغشوشة أو بنت متستاهلش وفي الآخر تلاقي صعوبة في التعامل مع البنت اللي تستاهل واللي هتكون حلالك، ملك بنت أصول ولازم تحاربلها يمكن كليتك أقل منها لكن مظنش ملك بتبص للماديات دي، مليكة بترفض أي عريس ورفضتني زمان ولما سألتها ليه قالت ” أنا كلية وأنت صنايع ” لكن ملك عاوزة واخد على خُلق ودين وخلاص..
_ طيب ينفع تكلم أهلها ..!
حاضر ياغالي، وليه ما تكلمهم أنت خد رقم والدها أهو..
_ خدت الرقم ومعرفتش أنام رنيت عليه وروحتلها تاني يوم برغم إنه كان الجو صعب والدنيا بتمطر بطريقة عجيبة لكن فضولي أشوفها خلاني تجاهلت ثعاب الطريق، قعدت في الصالون شوية ودخلت بطلتها الهادية وضحكتها اللي مبتفارقش وشها كانت لابسة دريس زيتي وخمار أبيض بلون قلبها، بصيتلها وقولتلها ” هعرفك بنفسي ياملك أنا أنس ٢٧ سنة جيت أجرت المحل اللي في بلدكم ده عشان أشوف رزقي ولإن بلدي صغيرة محبتش أفتح هناك، قدمت في وظايف كتير وإتقبلت لكن كنت بسحب الورق عشان كانت معظمها بالربا وأنا راضي بالقليل لو كان حلال والكتير لو من حرام ميلزمنيش مش عارف ممكن تقبلي بيا ولا لا لكن أنا عندي هدف نفسي أوصله والهدف ده أنتي والدعاء بيغير القدر ومش هبطل أدعي مهما حصل ومهما النصيب بعدنا “
_ بصتلي برضا وقالت ” أنا مش فارق معايا أنت مين لكن يفرق معايا جدًا أنت إيه “
_ إزاي ..!
أنا طول عمري يا أستاذ أنس بحافظ على مشاعري عشان كنت على يقين هيجي حد يحارب عشاني، ساعات الشيطان كان بيضحك عليا ويخليني أقول لنفسي إزاي مش بتكلمي حد ولا بتحبي حد وهيجي واحد يعافر عشانك من أول نظرة، لكن كنت دايمًا بسجد وبقول ” يارب إجعلي القبول في قلوب العالمين “
مش مستعجلة على نصيبي لإنه هيصيبني حتى لو كنت حتى في كهف وقافلة على نفسي، أنا مش عاوزة أفرح بحاجة في الأول وأجي في الآخر أدفع تمن التسرع ده راحتي وهدوئي، هتبقى زي بالظبط الجمعية لما نقبضها في الأول بنفرح بيها شوية لكن بنغيب ندفع فيها بتأفف وملل لآخر نفر أما اللي بيصبر للآخر بيقعد يدفع ويصبر وبعد صبره بيقبض ومبيدفعش تاني، أنا عاوزة أكسب شخص مدفعش بعده مشاعر ولا وجع ولا حب مع حد غيره..
_ قلبي مُستكين وهو بيسمع ل اللطف اللي بيطلع منها فبصيتلها بلهفة وقولتلها ” طيب ممكن سؤال ..! “
إتفضل ..
_ ليه في المحل كنتِ بتحاولي تختاري لأختك أشيك وأغلى حاجة ولنفسك كنتِ بتختاري حاجة رخيصة بحجة أنها واسعة وراقية ..!
بضحّي عشانها زي ما أنت ضحيت وخسرت عشاني ٣٠٠ جنيه
_ حسيت بخجل رهيب كبّل كل أعصابي فقولتلها ” عرفتي إزاي “
شوفت الورقة اللي قطعتها ورميتها على الأرض ولما كنت بتحاسب ماما جبتها من الأرض وقريتها ..
_ حاولت أتوه في الموضوع وقولتلها ” بتضحي على حساب نفسك ..!”
_ بصتلي برقة وطفولة وقالت ” عارف قصة سيدنا بلال كانت إيه وليه النبي جعله مؤذن للصلاة “
_ بصيتلها وقولت ” عشان صوته حلو ..!”
_ فقالت بضحكة عفوية ” لا ياسيدي “
في واحد من قريش كان إسمه ” عبدالله بن جدعان ” الراجل ده كان كافر يعبد الأصنام وكان عنده مائة مملوك ومنهم سيدنا بلال ولما الشخص ده عرف إن سيدنا محمد رسالته بتوصل للناس أخرج كل المماليك والعبيد اللي معاه من مكة عشان رسالة النبي متوصلش لحد منهم وساب سيدنا بلال بس عشان يرعاله الغنم، في يوم من الأيام سيدنا بلال كان بيرعى الغنم ومن تراتيب ربنا الجميلة في الوقت ده سيدنا محمد وصاحبه أبو بكر كانوا في الغار فلما سيدنا محمد جاع هو وصاحبه بيبص من الغار لقى سيدنا بلال فنادى عليه وقاله ” ياراعي هل من لبن ؟ “
رد سيدنا بلال وقاله ” ما لي إلا شاة واحدة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم “
يعني لو محتاجين اللبن هفضّلكم على نفسي وخذوه أنتم النهاردة..
فجاء بها إلى النبي فحلبها في القعب حتى ملأها فشرب حتى روى، ثم نظر لها فوجد لبنها لم ينقص منه شئ فحلب مرةً أخرى فملأه فشرب أبو بكر حتى روى ثم نظر لها فوجدها لبنها لم ينقص منه شئ فحلبها فشرب بلال حتى روى “
فأستغرب بلال من الخير الذي حلّ بالشاة فقال له الرسول ” هل لك في الإسلام فإني رسول الله “
فأسلم بلال فقال له الرسول ” اكتم إسلامك “
وعندما رجع بالشاة وبها كل هذا الخير والبركة علموا إنه قابل رسول الله فأخذ أميّة بن خلف يعذبه في الظهيرة والشمس محرقة ويضع الصخرة على صدره ويقول له ” لن ينجيك من هذا العذاب إلا كفرك بمحمد وعبادتك ل الّات والعزى “
فكان رد سيدنا بلال ” أحد أحد “
وتلف الساقية وتدور الأيام والقصاص يجي وحق المظلوم يرجع وربنا يجعل نصيب لسيدنا بلال في غزوة بدر إنه يقابل أميّة في الحرب فأقتص منه بلال وأطاح بالسيف داخل جسده فقتله، وحين عودة المسلمين منتصرين صعد بلال على الكعبة وأذن بصوته العذب وده بقى يا أنس أشد إنتقام لقريش لأن الغيظ في الوقت ده فتكَ بقلوبهم وقالوا ” إزاي يبقى عبد ومملوك ويطلع على الكعبة اللي بنعبد عندها الأصنام “
ومن هنا بقى قال النبي ” المؤذن أطول الناس عنقًا يوم القيامة “
الشاهد من القصة يا أنس إن لما سيدنا بلال آثر النبي على نفسه في المرة الأولى لما عطاه اللبن ربنا أنعم عليه بإسلامه ولما آثر عبادته وحبه لمحمد واتحمّل العذاب ربنا جعله أحسن مؤذن في الإسلام..
سيدنا بلال وقت ما كان بيحتضر وزادت عليه سكرات الموت زوجته بقت تقول ” وحزناه وحزناه “
رد سيدنا بلال وهو في أشد اللحظات ألمًا وقال ” بل قولي وفرحتاه غدًا سألقى الأحبة محمدًا وحزبَه “
فهمت ليه بفضّل مليكة عليا حتى لو كانت هي مش مقدرة ده عادي المهم إن مكافئتي عند ربنا..
_ كلامها كان زي الحلو بعد المر، العسل بعد العلقم، الشربات بعد الدوا، اللبن بعد الأكل الحار، أول ما خلصت ملقتش كلام أقوله ليها غير إني حطيت عيوني في عيونها وإبتسمت وكأن ببعتلها رسالة تقراها لكن بنظرة لطيفة، أطرافي من عذب الكلام تلجت وكأن الكلام إخترق نار قلبي فأثلجه، أخلاقها وعلمها وحكمتها خلتني أشوف نفسي صغير جدًا قدامها لو أطول أخفيها جوا ضلوعي لفعلت، نعمة لو ربنا أنعم عليا بيها تستاهل أشكره عليها في كل سجدة..
_ ملك
نعم
_ أنا مرتاح بطريقة متتخيلهاش ولو حاولت أوصفها مش هيكفيني ٢٨ حرف لغة عربية ولا حتى معاجم الكلمات، أتمنى تصلي وتبلغيني قرارك..
حاضر
_ مشيت وأنا مبسوط وفي نفس الوقت مُشتت لسه شقتي مخلصتش المحل بيخسر معايا والظروف ماسحة بيا بلاط الحياة بس كنت سايب كل حاجة على ربنا وما دام ربنا زرع في قلبي القبول يبقى هيرزقني برزقها، فضلت أيام أدعي تحت المطر بيها انتظرت أسبوع ومردتش عليا كنت بتعمد أشوفها وهي رايحة الكلية عشان أبصلها بعتاب لكنها مكنتش بترفع نظرها من الأرض، رنيت على كريم وخليته يجيلي المحل ولما شاف لهفتي فكرنا بنحب بعض من زمان ميعرفش إن الإرتياح والسكينة اللي بنحس بيها في وجود شخص معين كفيلة تخلينا منشوفش غيره ونوقف حياتنا عليه، الإرتياح واللُطف اللي كان بيطلع منها خلاها عندي محور الكون سواء وافقت أو لا مش هيبقى في غيرها وهفضل أدعي لحد ما القدر يخضع لدعائي ويكتبها من نصيبي، قطع شرودي صوته بيقولي ” اصبر واحتسب ولعل التأخير ده شايل بين ثناياه الخير والغيث لجفاف قلبك “
_ إزاي بس..
بصلي وقال ” عارف يا أنس أنا كنت زيك كدا كنت ببقى مستعجل كل حاجة ومش صابر على الحاجة اللي عاوزها ولما إتقدمت لزوجتي غلبتني عشان توافق ولما سألتها ليه بتعملي معايا كدا ردت وقالت عشان أعرف أختار وأفكر لإن التسرع بيترتب عليه علاقات فاشلة، التسرع ده بيكون نتيجة لهفة إعجاب إنبهار لكن مش معنى كدا إن الشخص صالح لكونه زوج وشريك أسلم إختيار اللي بيجي بعد تفكير وتأنّي وزي ما بيقولوا في التأنّي السلامة “
ولما قولتلها ” تأخيرك ده تعبني وقلقني وخوفت تضيعي من إيدي ” ردت ببساطة وقالت :
” لازم يكون عندنا يقين في ربنا وأمل في بكره، وحكتلي حاجة جميلة جدًا كانت عبارة عن أجمل قصة في حياة النبي وتعتبر من القصص المُلهمة والمُرشدة لينا، القصة دي هي نزول سورة الضحىٰ لما الوحي غاب مينزلش على النبي فترة كبيرة المشركين فضوا يقولوله ” قلاك ربك ” يعني إلهك سابك وإتخلى عنك يامحمد ..! “
وقتها النبي كان حزين جدًا لكن دعائه مقلش أبدًا بعدها وبدون أي مقدمات نزلت سورة الضحي وما أجملها من سورة فيه كمية مواساة ربانية مريحة ومُسكّنة لأي تعب، الآية اللي ربنا قال للنبي فيها ” مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى “
مش بس كدا لا ده كمان قاله ” وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى “
عشان بس ندرك ونعرف حكمة ربنا من ورا التأخير ده إيه وعشان نكون واثقين إن إنقطاع الخير لبعض الوقت هو مجرد تهيئة وتمهيد لفيضان جديد وغيث أجمل وعوض أحلى، عشان نكون عارفين كمان إن خزائن الله لا تنفذ وكرمه ملهوش حد رغم أنف كل واحد بيحسسك بعجزك وضعفك وشمتان فيك ومحسسك إنك آخر واحد ممكن ينجح “
ومن يومها وأنا تعلقي بزوجتي بيزيد وبتترفع في نظري وكل ما ربنا يأخر حاجة عليا أقوله ” يامولانا توّلانا “
ما هو مفيش أجمل من تولي ربنا ليك برضو يا أنس..♡
_ ايوه بس والله التأخير ده بيقتلني ياكريم، بينحر نياط قلبي دون تسمية، كل يوم بيفوت باباها مبيرنش عليا بحس بتفسّخ في خلايا جسمي..
هو أنت مرنتش عليهم..
_ مش المفروض باباها اللي يتصل ..!
_ ببص لاقيت كريم بيضحك عليا ضحك هستيري وبيقولي ” وربنا مجنون “
_ فيه إيه ياكريم مش وقت ظرافتك..
يا أستاذ حضرتك اللي المفروض ترن..
_ ما صدقت قالي كدا وطلعت موبايلي ورنيت باباها رد أول ما قولتله ” ملك موافقة ” رد عليا ألطف وأحن رد وكأن كلمة ” ايوه ” دي طبطبت على روحي
_ أمي ساعدتني في فلوس الدهب وإتخطبنا، مليكة لما إبن عمي شافها إتقدملها لكنها رفضته بحجة إنها عايزة واحد غني ومستواه الإجتماعي عالي، مادية بطريقة بشعة، إستغلالية جدًا وإتخطبت بعدنا بأسبوع لمهندس، أحيانًا كنت بشوف دموع في عين ملك ولما كنت بسألها مالك مكنتش بترد لكن لما كنت بتضغط عليها كنت بحس من كلامها إن مليكة السبب وإنها دايمًا بتعايرها بوظيفة خطيبها ومتسواه وبيته فقررت أنحت في الصخر عشان أردلها صبرها ورضاها معايا على المُرة ده معافرة وخير كان لازم أطمنّها إن في ضهرها راجل، كانت ساعات كتير بلاقيها صايمة ولما بسألها ليه بتصومي على طول تقولي بصوم بنية ربنا يفرجها عليك، مر 3 سنين خطوبة وكأنهم 3 قرون ضوابط الخطوبة على قد صعوبتها لكن بتحلّي لمسة الحلال بطريقة تخدّر عقلك، إتجوزنا في بيت بسيط ومليكة إتجوزت معانا، كنت بشوف في عيونها ليا نظرة رضا تحسسني إني مالك الدنيا كلها كل تفاصيلي معاها مُختلفة لما كنت بطلب منها تعملي حلويات معينة كانت بتلبسني ” مريلة المطبخ ” وتفتح جوجل وتبحث عن الوصفة وتقف تعملها وتخليني أساعدها أحيانًا كانت بتبوظ وأحيانًا تبقى حلوة وأحيانًا نحط سكر مكان الملح لكن مكنتش بزعل منها خالص هي بنتي والبنت من حقها تبوظ في بيت أبوها حاليًا بقت طول الوقت تعملي أجمل وأحلى حلويات في العالم، وقوفي جنبها وهدوئي معاها وقت غلطها كان بيخليها تنتج وتظهرلي بأجمل ما عندها كل يوم نيولوك جديد في شكلها، أكلة جديدة، موقف جديد تخطف قلبي بيه، وخصوصًا إنها كانت بتصحيني لصلاة الفجر، سمعت إن مليكة واقفة على الطلاق لإن جوزها مش لاقي وظيفة وطلباتها كتير وهو مستحملهاش، في الوقت ده طلع لملك شهادة خبرة وإتوظفت أول ما خرجت وراحت شغلها لاقيتها باعت كل دهبها ولما إتعصبت وسألتها عن السبب قالتلي ” عشان تفتح مول كبير بدل المحل الصغير ده ومفيهاش حاجة ياحبيبي بكره يجيلي أحسن منه وقرشين من هنا على قرشين من هنا ربنا هيوسع علينا والجمعية دي دخلتها بالراتب الشهري بتاعي وقبضتها أول واحدة خدها كبر بيها مشاريعك “
_ في الوقت ده من كتر تضحياتها ووقوفها جنبي وإحتوائها وحبها وحنانها ليا قلبت طفل في حُضنها إنغمست جواها من أي ضغط نسيت كل المعافرة والتعب اللي شوفته عشان أعمل الشقة وأجيبلها دهب، في مواقف لما بتشوفها من شريك حياتك بتحس إنه أدالك باور تشجيع وثقة في نفسك وقوة تقدر تكسر بيها الحزن والكسل وتشتغل وتنجح، شديتها لحضني أكتر وكأني بهرب جوا ضلوعها عشان تحميني وأبقى سجين بحبها جواها، المول بقى إتنين ..
_ وفي الآخر مليكة إتجوزت مدير أعمالي بعد ما كانت بتعاير ملك بيا وبمكانتي..
_ روّحت البيت لاقيتها إتشعلقت في رقبتي زي الطفلة وقالت ” وحشتني “
_ بتحبيني ياملك ..!
بحبك لدرجة فاقت حدود وقواعد العشق، لدرجة إنك هتبقى أب قريب..♡
_ عيطت عياط هستيري ولما ولدت ” سميتها بنوتتنا ملك على اسم مامتها عشان يبقى عندي نسخة صغيرة من ملك الكبيرة حتى في إسمهها برغم إن حصل بينا خلاف كبير وكانت عاوزة تسمي مليكة وزعلتها من وهي والدة لكن قدرت أحتويها وأصالحها “
دلوقتي بقيت كل ما أدخل البيت الاقي طفلتين بيتعلقوا في رقبتي بكل رقة وطفولة وكأن حضنهم متجمع فيه حنان العالم كله حضن كبير وحضن صغير بينسوني كل الضغوط والإرهاق..
ومن هنا نكتب على جبين التأخير :
” لنا في خبايا الكون نصف يرتبُ فيض مشاعره ويهندم زلاته ويصلح فساده ليأتِ بطلته المُفاجئة فينسجُ لنا من محيطِ حبه فيض يُطهرنا من بشاعة العالم “
” وكَأنَّ السَّماء لفَظتكِ مِنْ رحِم القمرِ ليتَوَهج قلبكِ فينيرُ عِتمتي “..

عزة العمروسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى